أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خلال ترؤسه القداس الإلهي في عيد مار شربل في دير مار مارون – عنايا، إلى أن "مار شربل رجل لبناني الجسد، عالميّ الروح، وسماويّ الدعوة. إنه ناسك عنايا، المقيم في قلوب الشعوب، والمتعبّد لله بالصمت، وخادم الجماهير بالشفاعة والشفاء".
وقال: "يد مار شربل إعلان متجدّد أن القداسة ممكنة، وأنّ الرجاء لا ينقطع".
وأضاف: "كان ليتورجيا بامتياز، من القداس إلى القداس، ومن المذبح إلى المحبسة. بنذوره الرهبانية الثلاث: الطاعة، والعفة، والفقر، قدّم ذاته لله، جاعلًا نفسه تقدمةً كاملةً مرضيّة. فبطاعته، تخلّى عن إرادته ليعتنق إرادة الله، وتخلّى عن كل نظرة ليملأ قلبه من نور المسيح ويكرّس حبّه، وكل جسده وروحه لله. وبفقره، تخلّى عن كل خيرات الدنيا ليغتني بالله. كانت حياته قداسًا دائمًا، وصمته نشيدًا مرفوعًا لله".
وتابع: "في كل مرّة نقف أمام صورته، أو نخشع أمام ضريحه، نعلن أن الحياة المسيحيّة هي تقديسٌ للزمن واتّحادٌ بالمسيح المصلوب والقائم. وهذه هي الرسالة المسيحيّة التي نعيشها".
وخاطب الراعي رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الحاضر في القداس، بالقول: "فخامة الرئيس، زيارتكم اليوم إلى ضريح القديس شربل هي بارقة رجاء، لأن لبنان بحاجة إلى قادة على مثال شربل ومار الياس: يتكلّمون قليلًا ويفعلون كثيرًا. لبنان بحاجة إلى بصيرة القديس شربل وجرأة مار الياس وقرارهما الملتزم".
وأضاف: "في زمنٍ يعاني فيه لبنان من اهتزازات سياسيّة، يطلّ علينا مار شربل ليقول لكل مسؤول ومواطن: ارجعوا إلى الله، وإلى لبنان الحقيقي، وارتفعوا إلى الشجاعة والحكمة. ارجعوا إلى التجرّد الشخصي".
وتوقّف الراعي عند الوضع السياسي، فقال: "في خضمّ الأخطار التي تهدّد لبنان بكيانه ووجوده، نشهد اليوم خلافًا وانقسامًا بين السياسيّين حول المادة 112 من قانون الانتخاب الحالي، والتي تم تعليقها في انتخابات 2018 و2022"، معتبرا أن "استحداث 6 دوائر للمغتربين يتعارض مع مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المقيمين والمنتشرين، وهو مبدأ يضمنه الدستور اللبناني".
وأكّد أنّ "حصر المنتشرين في 6 مقاعد نيابيّة يتعارض مع مبدأ ربطهم بوطنهم وأهلهم، ومشاركتهم في الحياة السياسيّة"، مشدّدًا على أنّ "ما نشهده في المادة 112 من قانون الانتخاب هو إقصاء يُلغي حق المنتشرين في الانتخاب في كل الدوائر".
ورأى أنّ "اللبنانيين في الانتشار يتطلّعون إلى المشاركة في الانتخابات بكل حرية، في دوائرهم الانتخابية، حيث مكان قيدهم". ودعا إلى "العمل على إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب".
وختم الراعي: "لنصلِّ لكي يجعلنا الله، على مثال القديس شربل، نقف وقفة ضمير جماعية، لنكتشف قيمة القداسة. نسأله أن يبارك الرئيس وأركان الدولة، وأن يكون رفيقهم في الدرب الصعب"